الأربعاء، أغسطس 10، 2011

",الكتابة عن الشعر "...قراءة فى ديوان "سلّم لفوق " للشاعر /فتحى حمد الله ...بقلم سعد القليعى

سعد القليعي




بداية ً أجدنى مضطرا لأن أقول إن عنوان القراءة كان كذلك "الشعر عن الشعر " بيد اننى جعلته "الكتابة عن الشعر حتى لا أقع وأوقعكم فى فخ الانجرار إلى زاوية لاتعنينا وتاخذنا بعيدا عن الموضوع فلست راغبا فى التماس أو الاقتراب من موضوع الشعر للشعر الذى هو فرع لمبحث "الفن للفن " الذى لا أحبه ولا أحب الاقتراب منه ..إذن فلو كنا _ أنا وأنت_ قد اتفقنا وضمنت لى ان تصدقنى فسوف يكون المنطلق لإثبات صحة العنوان الحاكم الذى صغته هو الديوان نفسه وما جاء فيه من قصائد متوسلين بالديوان إليه ومسترشدين بالشعر للولوج إلى غموض عالمه الذى يضيف إلى إمتاعه إمتاعا ...غن العنوان الذى تقرأه على غلاف كتاب فتحى حمد الله الشعرى هو "سلم لفوق " والسّلم بالعامية المصرية لغة الديوان كما هو بالفصحى أى الدرج وهو وسيلة الصعود والهبوط بين الطوابق عادة لكن فتحى حمد الله أسند إليه وظيفته ببعض التصرف حين جاورت لفظة "لفوق " أى لأعلى بالفصحى حين جاورت هذه اللفظة لفظة سلم غيرت قليلا فى الوظيفة فالسلم هنا للصعود فقط إذن فقد حكم على مستخدمه بتحديد الغرض وقصره على الصعود ...ترى أى سلم هذا الذى يصعد بمستخدمه فقط ؟؟؟ولك أن تتجول فى مدلول الصعود بين العلو والسمو والارتفاع والتحليق والطيران والسماء وكل ماله علاقة بالفوقية _ ولأننى لست ممن يميلون ولا يقبلون الاستشهاد بمقولات نقدية جاهزة أو سابقة التجهيز _فدعنى اصنع تحليلى الخاص بهذه القراءة ومقولاتى الخاصة بهذا التحليل ودعنى أستنتج إن قصر وظيفة هذا السلم على الصعود تقرب عندى وظيفته من وظيفة الفن وهنا فالشعر تحديدا ,وأرجو أن تسير معى غاضا النظر عن قليل من عدم الاقتناع الطبيعى الذى فطر عليه كل قارئ متسائلا واع وانتظر معى مفسحا صدرك لمحاولاتى فى أن اصوغ لك المبررات التى جعلتنى أتجه هذه الوجهة وأنحو هذا النحو وربما هذه المبررات هى التى دفعتنى دفعا لأن أسير فى قراءتى خلال طريق أفضى بى فى النهاية إلى العنوان الذى جعلته لهذه الدراسة كنتيجة ومنطلق للقراءة ودخول عالم الشاعر فى آن واحد .إن عنوان اى كتاب فى الدنيا يدلك حتما على محتوى الكتاب ومن هذا المنطلق فإن فتحى حمد الله يقول عن كتابه ومحتواه إنه وسيلة للصعود للرقى للطيران للسمو للعلو أو بتعبيره "سلم لفوق "وهو لايتيح لمستخدمه الا الصعود الآمن الذى اعتاده البشر ,نحن إذن حيال وسيلة عدّل الشاعر فى وظيفتها وبدّل وربما رآها على غير مايرى الناس فرآها هكذا .ثم ندخل إلى عالم الديوان فيما يلى الغلاف والعنوان أول قصائد الديوان تحمل عنوان" سؤال " ولنقرأ معا القصيدة القصيرة



أيه سر قعادك



فى الدرج الأخرانــى

رغم شطارتك

وفراغ الروس المسنودة

على أكتاف الزملا

قدامك ؟؟؟؟؟؟

وجنون الاستاذ بكلامك

فى طابور الصبح ؟؟؟؟؟

هذه هى أولى قصايد الديوان وهى تساؤل استنكارى فكيف للولد الشاطر _على غير العادة _أن يجلس فى الدرج الاخرانى رغم شطارته وإعجاب الأستاذ به ,لماذا يجلس هذا المؤهل للجلوس قى الصف الامامى راضيا فى الصف الخلفى ..لابد أن هذا الجالس فى الصف الخلفى _المسئول _ شخصا غير عادى لأن تصرفه غير عادى تصرفه توّجب استنكار السائل الذى يندهش من جلوسه فى الخلف رغم كل المقومات لجلوسه فى الامام هل أكون ذهبت بعيدا لو قلت إن هذا المسئول الغريب هنا هو الشاعر ؟؟؟؟ لابد انه يرى فى مسألة الجلوس فى الصف الأمامى أو الخلفى شيئا لا يهم ,شيئا لا يستوى مع مايراه غيره .لو وافقتنى فيما ذهبتُ إليه فى تحليلى للعنوان ثم أولى قصائد الديوان فقد يسرت على الأمر فدعنى أيسره عليك وعلىّ أكثر القصيدة الثانية فى الديوان تحمل عنوان بورتريه " وهو كما نعرف لوحة لوجه ورغم هذا العنوان إلا أنه يبدأها هكذا :

أنا وأنت اتنين

شايلين أحلام.................. إلخ

فى هذه القصيدة التى تحمل عنوان بورتريه _لا حظ العنوان_ يتحدث عن اثنين متلازمين يؤديان فعلا مشتركا وبلا مواربة دعنى أقرأ هذه القصيدة كما أرى واتساقا مع ما قدمنا فهو حينما يقول أنا فهو يقصد نفسه _ الشاعر وحينما يقول أنت يقصد الشعر ولك ان تقرأ القصيدة لتجد فيها ماذهبتُ إليه ثم تتوالى القصائد لتؤكده فالقصيدة الثالثة تحمل عنوان "قلم نونو "والرابعة "بالخط الكوفى " ثم" كيبورد العمر" ............إلخ حتى نصل لقصيدة تحمل عنوان "الشعر"هكذا رأيت ديوان "سلم لفوق " للشاعر فتحى حمد الله وهكذا قراته فإلام ارشدتنى هذه القراءة وبم خرجت منها ؟؟؟بالطبع نحن إزاء شاعر صاحب وجهة نظر وزواية رؤية تخصه وحده وتلك خصيصة لاغنى لمبدع عنها إن كان يجوز أن يسمى المبدع كذلك دون امتلاكها فهل نجح فتحى ان يكتب عن موضوعه الكلّى الذى ظننته يكتب عنه من خلال زاوية رؤيته الخاصة ؟؟فى رأيى نجح منذ أن تصرف بالتبديل والتغيير فى وظائف المفردات على كل مستوياتها وبرر هذه الوظائف وجعل لها المنطق الذى يحكمها بقانون تقربه صرامته من قوانين الطبيعة كما نجح ايضا _وهذا ما أدهشنى _ فى أن تفلت لغته من اسر الإحالة إلى الإقليم الذى نشأ به وعاش من خلال عدم انبهارها _اى هذه اللغة بخصوصية ذلك الاقليم المغرية بالاستخدام كوسيلة للتعاطف المضمون واستجداء الاعجاب اعتمادا على سحر هذه اللغة الاقليمية الخاصة كما نجح ايضا فى التخلص من رتوش الاصوات الشعرية الرائدة وظلالها فلا تجد فى مفرداته ولا اساليبه ولا صياغاته صدى لشعراء كبار أغرت نجاحاتهم وفتوحاتهم من جاءوا بعدهم فداروا فى أفلاكهم على مستويات مختلفة ,لقد أفلت فتحى حمد الله من كل هذا عامدا قاصدا فجاء ديوانه " سلم لفوق" بداية من عنوانة مرورا برؤاه التى شكلت موقفه ووجهة نظره ,جاء هذا الديوان معبرا عن صاحبه كتجل مؤكدٍ لتميزه وتفرد صوته فلم يحاول احياء الابتزاز القديم برومانسية ماتت يقع فى شراكها دائما شعراء العامية ولا سيما ابناء القرى فى الشمال والجنوب ولم يتوسل بتعابير طقسية تلفت التساؤل عما تعنيه وكأنه تساؤل مبعثه الشعر .بشعر فقط قدم فتحى حمد الله نفسه وديوانه بشعر له من العمق والبساطة ما يجعل قراءة سريعة كهذه ظالمة إذا ادعينا أنها تعرضت للديوان وصاحبه بما ينبغى وبما يستحقان من الروية والتأنى والتأمل الواجب

ســـــــــعد القليـعـــــــــــــــــــــــى


ليست هناك تعليقات: